إن الذين يتلون كتاب الله و أقاموا الصلاة و أنفقوا مما رزقناهم سرا و علانية يرجون تجارة لن تبور)
الحمد لله رب العــالمين، والعاقـبة للمتقـين، ولا عـدوان إلا علــى الظالميــن..
وأشــهد أن لا إله إلا الله وحـده لا شريـك لـه،رب العالمين وإله المرسلين و قيوم السموات و الأرضين، وأشهد أن محمد عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المبين ، الفارق بين الهدى و الضلال، والغي و الرشاد، والشك و اليقين .
أنزله لنقرأه تدبـــرا ونتأمله تبصــــرا ونسعد به تذكـــرا و نحمله على أحسن وجوهــه و معانيــه ، ونصدق به ونجتهد على إقامـة أوامره و نواهيه، ونجتني ثمار علومه النافعة الموصلة إلى الله سبحانه من أشجاره، و رياحين الحكم من بين رياضه و أزهاره ، فهو كتابه الدال عليه لمن أراد معرفته، وطريقه الموصلة لسالكها إليه، و نوره المبين الذي أشرقت له الظلمات، و رحمته المهداة التي بها صلاح جميع المخلوقات، والسبب الواصل بينه و بين عباده إذا انقطعت الأسباب ، و بابه الأعظم الذي منه الدخول فلا يغلق إذا غلقت الأبواب ، و هو الصراط المستقيم الذي لا تميل به الآراء، والذكر الحكيم الذي لا تزيغ به الأهواء ، والنزل الكريم الذي لا يشبع منه العلماء، لا تفنى عجائبه، ولا تقلع سحائبه، ولا تنقضي آياته، ولا تختلف دلالاته، كلما ازدادت البصائر فيه تأملا و تفكيرا، زادها هداية و تبصيرا، وكلما تجبست معينه،فجر لها ينابيع الحكمة تفجيرا،فهو نور البصائر من عماها،و شفاء الصدور من أدوائها و جواها ، و حياة القلوب و لذة النفوس و رياض القلوب، و حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح،والمنادي بالمساء والصباح : يا أهل الفلاح، حي على الفلاح..
أما بعد ،،فيا إخوتي إن للقرآن عظيم المنزلة ، والآيات والحكم فيه مشتملة..
فهو الكتاب الذي قرأه الجاهل فأصبح به إماما ، و قرأه الضعيف فأصبح قويا مقداما .. قرأه المتخاصمون فملأهم حبا و وئاما، وقرأه الأشتات فأصبحوا خير أمة أخرجت للناس علما وخلقا و فضلا..
فلنحتسب النيات في حفظ القرآن و نذكر ثمار قراءة القرآن و تدبره ..
الأولى : أن القرآن الكريم شفاء لما في الصدور و الأبدان
قال تعالى : "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للعالمين"
الثانية : مضاعفة الأجر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف و لام حرف وميم حرف" أخرجه الترمذي و هو حديث صحيح
الثالثة : الرابعة : طلب علو المنزلة بأنتكون مع الملائكة
عن عائشة رضي الله عنهاقالت : قال رسول الله صلى عليه وسلم : "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن و يتعتع فيه و هو عليه شاق له اجران "
الرابعة : الاحتساب أن يكون لك نورا تهتدي به في الظلمات فهو نور في القلب و نور للوجه ، و نور في القبر و نور على الصراط .
قال تعالى : " قد جاءكم من الله نور و كتاب مبين "
الخامسة : الخروج من الظلمات إلى النور .
قال تعالى : " يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام و يخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه و يهديهم إلى صراط مستقيم "
السادسة : احتساب بر الوالدين .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ القرآن و عمل بما فيه ألبس الله والديه تاجا يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا......" رواه البخاري.
السابعة : طلب الخيرية
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "خيركم من تعلم القرآن و علمه " .
الثامنة : طلب الرفعة و العزة
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما و يضع به آخرين "
التاسعة : إحياء للقلب
قال تعالى : " أومن كان ميتا فأحييناه و جعلنا له نورا يمشي به في الناس "
العاشرة : طلب الرائحة الطيبة
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة، ريحها طيب و طعمها طيب ...." أخرجه البخاري
الحادية عشر : طلبا للتقوى
قال تعالى : " قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون " الزمر 28
الثانية عشر : طلبا للبركة
قال تعالى : " و هذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون " الأنبياء 50
الثالثة عشر : طلب السكينة و الرحمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتابه و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده " رواه مسلم
الرابعة عشر : وقاية من النار
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لو أن القرآن جعل في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق " رواه ابن ماجه في سننه
(( الإهاب هو غطاء من الجلد ، فلو كان القرآن في قلب المؤمن فإنه لا يحترق ))
الخامسة عشر : جلب الشفاعة
قال صلوات ربي و سلامه عليه : " اقرءوا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه " أخرجه مسلم
السادسة عشر : طلب الخيرية
قال الرسول صلى الله عليه و سلم : " خيركم من تعلم القرآن و علمه "
السابعة عشر : نية جلب محبة الله فإن قراءة القرآن من الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى
قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- : "من أحب أن يحبه الله و رسوله فلينظر فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله و رسوله "
الثامنة عشر : جلب محبة الناس
جاء في الحديث القدسي : " أن الله إذا أحب عبدا نادى جبريل أني أحب فلان فأحبه فيحبه جبريل و ينادي في السماء أن الله يحب فلان فأحبوه فيحبه الملائكة ثم يلقى له القبول في الأرض "
التاسعة عشر : طلبا لأن يكون القرآن ربيعـا للقلـــب مذهبا للهـم مجليا للحزن
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ........... اللهم اجعل القرآن ربيع قلبي و ذهاب همي و جلاء حزني "
العشرون : يهدي للتي هي أقوم
قال تعالى : " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم "
الواحد والعشرون : طلب الظل يوم القيامة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يؤتى يوم القيامة بالقرآن و أهله الذين يعملون به في الدنيا تتقدمه سورة البقرة و آل عمران تحاجان عن صاحبهما " رواه مسلم
هذا وصلى الله على محمد و على آله و صحبه و سلم